الاثنين، 3 مارس 2008

تمهيــــــــــد
تتنوع الاحتياجات الإنسانية بين المادية والمعنوية ، وهو الأمر الذي يميز بين الإنسان وسائر الكائنات ، كما أن احتياجات الإنسان المعنوية تتفوق على احتياجاته المادية من حيث رقيها وتشعبها ، وذلك يوضح تميز الإنسان من خلال متطلباته إلي العديد من المدخلات في جوانب حياته ، إذ أن الإنسان منذ خلقه وهو دائب الجهد والعمل على تكييف الطبيعة حوله لملائمة رغباته وإشباعها ، وهو بفطرته وحسه المرهف للجمال وعشقه للإبداع قد حاول صياغة كل ما تشكله يداه في قالب فني .

ولاشك أن عملية التشكيل الفني للتصميم هي تعبير إنساني عن المعاني المحيطة ، فالمعاني التي يحتويها الشكل ويمكن استخلاصها منه ، هي التي تمنحه القيم الجمالية ، والتي قد تزيد عن القيمة الوظيفية التي أنشأ من أجلها ، وتنبع تلك المعاني من مؤثرات مادية كالمنفعة والبيئة والإنشاء والاقتصاد ، ومن مؤثرات معنوية كالثقافة والعادات والمثل والمبادئ والمفاهيم الراسخة والوازع الديني أو حتى الخرافات والأساطير .

وما يعنينا هنا في الورقة البحثية الرافد الثاني للمؤثرات ، وهو الخلفية الثقافية للمصمم ، فاختلاف التركيبة الثقافية لدى المصمم قد يعني اختلاف المعاني الثقافية والقيم ، أما التحولات الفكرية فتؤدي إلي حذف وإضافة وتطوير المعاني والقيم ، وبالتالي فإن هذه الأمور تنعكس على فكر المصمم ونتاجه ، كما أن البيئة المصرية مليئة بالتطورات الثقافية والتحولات الفكرية ، مما لا يدع مجالا للشك أن لذلك انعكاسه على الفنون المختلفة الأمر الذي جعل البيئة المصرية متزايدة ومتطورة القيم ، مما جعل نتاج المصمم متنوعا بالكيفية التي تعبر عن التطورات والتحولات الفكرية ، كما أن ظهور بوادر إنتاج مصري صميم قد أصبح ضرورة في خضم التحولات العولمية – إن جاز التعبير - التي يشهدها العالم ، والتي تؤثر سلبا على مدى وضوح معالم الشخصية القومية .
والله من وراء القصـــد …
الباحـــث


منهجية الدراسة
تتكون شخصية الفرد بفعل الأنساق المكونة لبيئته ، وتتحور شخصيته بتغير البيئة بفعل مجموعة من التحولات والتأثيرات التي تضيف بعدا جديدا لملامح هذه الشخصية ، كما أن الإنسان ذاته عضو مؤثر في تغيير ملامح البيئة والتفاعل المستمر بفعل السلوك ، بحيث يستطيع المحافظة على السمات الرئيسية لشخصيته ، ويجعل الإطار العام مرنا لاستيعاب تلك المتغيرات ، من حيث القبول والرفض ، وهو ما يحدث الآن للشخصية المصرية ، حيث تتباين اختيارات وسلوكيات الأفراد في جوانب الحياة المختلفة بقدر هذه المساحة المرنة بين التأثر والتأثير .
ويتعرض البحث بصفة عامة إلي النواحي الثقافية المحيطة بالمصمم الداخلي ، خاصة أن هذه الجوانب لم يتم التطرق لها بصورة مستفيضة ، كذلك التحدي التي تطرحه العولمة مما اصطلح على تسميته "صراع الحضارات" و "حوار الثقافات" ، ومن ثم قفزت الثقافة كأحد المقومات الأساسية لبناء الشخصية القومية الذاتية ، وأصبح المصمم الناجح والمؤهل الذي يملك ثقافة عامة وإدراكا متكاملا لكافة ما يدور حوله من تفاعلات وإرهاصات ، تعينه تلك الثقافة على إبداع تصميماته الذاتية المتفردة ، والتي توحي باحتوائها فكرا متطورا من جهة ، ومواكبا لرغبات المجتمع ، بحيث يتجلى فيها الإبداع والأصالة في ذات الوقت .

مشكلة البحث :
لصياغة المفهوم الخاص بدور المصمم ، والمؤثر بشكل مباشر على المنتج النهائي ، وعلى مدى الاتصال بينه وبين ما يتفق عليه المجتمع ضمنا ، وبينما حدثت تحولات في التوجهات العالمية على مدار الحقبة التي نحياها حاليا على كافة الأصعدة ، فقد أصبح دور المصمم في مجتمعه جزءا من توجهات غير ثابتة نحو تغريب أوجه الحياة ، يقابلها توجهات أخرى نحو البحث عن الهوية الثقافية ، إلي أن أصبح دوره مجرد صياغة حلول فنية داخلية ، ومن ثم أصبح المنتج التصميمي - في ظل المؤثرات الحاكمة والقوية والتأثيرات الدخيلة - مجرد ترجمة مادية لتلك المحصلة من العوامل ، وأصبح الانفصال عن المجتمع بهمومه ومشاكله الحيوية هو النتيجة المنطقية لكافة العوامل مجتمعة .

وتمثل ثقافة المصمم المنبع الحقيقي للأفكار التصميمية ، وهي القضية الأساسية له ، وهي شديدة الحساسية لكافة المتغيرات – خاصة المتغيرات الثقافية والحضارية – وهنا يمكن صياغة المشكلة في النقطة التالية :

• كيفية تحديد الأثر التحولي في فكر المصمم المصري خلال حقبة العولمة من خلال المؤثرات المحيطة .


هدف البحث :
تهدف الدراسة في مجملها إلي بيان وتحديد الأثر الذي خلفته التغيرات والتحولات في المحيط الفكري للمصمم المصري ، وبيان أثر ذلك على المنتج النهائي بالسلب أو بالإيجاب .


فروض البحث :
• الثقافة الذاتية للمصمم ورؤيته للمتغيرات المحيطة تعمل على صياغة فكره التصميمي .
• دور المصمم خلال حقبة العولمة يتراوح بين دور المنسق والفنان دون رؤية محددة .


منهجية الدراسة :
يتخذ البحث المنهج الوصفي Descriptive Method من خلال جمع المعلومات حول المؤثرات على فكر المصمم ، والتي تؤدي إلي التحولات الأيديولوجية في مبادئه ومسلماته ، كما تتخذ الدراسة المنهج التحليلي Analytic Method في عرض المعلومات والدراسات المتعلقة بالثقافة العامة والذاتية للمصمم ، ومن هذا المنطلق تم تحديد منهج الدراسة بحيث تضمينها :
• التعرف على اثر الثقافة المجتمعية على المصمم ، والتردد في تقبل تلك المرجعيات .
• سرد مستفيض للقيم الثقافية الذاتية والعوامل النفسية لدى المصمم .
• توضيح ما حدث من تحول جزئي وجذري في النظم العالمية والتوجهات الحضارية وأثرها على التوجه العام للمصمم .



حدود الدراسة :
تمتد دراسة البحث إلي منطقة غير مطروقة في دراسات التصميم الداخلي وهي مساحة ما يمكن أن نطلق عليها " ما قبل التصميم " وهي المساحة التي تحوي انفعالات المصمم وآماله وطموحاته ، كما تحوي ما وراء الخيال Meta narrative وهو الذي يدفع المصمم إلي الإبتكار والإبداع ، مرورا بالنواحي النفسية في عقلية المصمم ، وارتباط ذلك كله بخلفيته الثقافية ، والمرتبطة بالجذور الحضارية لمجتمعه والظروف الحالية لعالمه الكوني .



الهيكل الدراسي للبحث
تمثل ثقافة المجتمع وثقافة المصمم الذاتية والتوجهات الحضارية الهرم الذي يستمد منه المصمم أيدولوجياته وقناعاته الداخلية ، وبالتالي تعمد الدراسة إلي تحليل مكونات الهرم وصولا لقمته ، لاستيعاب وتفسير ما يدور في ذهن المصمم حينما يؤدي ويبتكر .

المحــــــــــور الأول
ثقافـة المجتمـــــع
تمثل الرافد الأول لفكر المصمم وفلسفته ، وإن قلّل العديد من النقاد من أهميته ، حيث يرون أن المصمم أحيانا ما يكون سابقا لفكر مجتمعه ، بحيث لا يستمد من مجتمعه قيمه المتوارثة ، أو يتخذها مرجعية فنية له ، وبالتالي فإن قيم هذا المجتمع ذات دور هامشي ، ولكن غالبية المصممين دوما ما عبروا عن فكر مجتمعهم الإقليمي ، وبالتالي نجحوا في التعبير عن ذاتهم ، والخروج إلي آفاق رحبة نحو العالمية ، لذا فإن ترتيب السرد بسبب محورية التأثير وليس فاعليته ، وعليه فإن الجدل المحتدم بين النخبة المثقفة دوما ما يتناول النقاط التالية :
• الهوية الثقافية والقيم المجتمعية
• الجدل المثار بين الاصالة والمعاصرة والتبعية
• انعكاس القيم الثقافية على الحضارة المعاصرة
• التردد بين الرفض والقبول للثقافة المعاصرة
• المواقف المتباينة تجاه الثقافة المعاصرة
• الدورات المتعاقبة لفكر الثقافة المجتمعية


المحــــور الثــــاني
الدوافـــع الذاتيــــة
تمثل بحكم فاعليتها وسرعة تأثيرها على المصمم ، وتكمن أهميتها في فرديتها لكل مصمم على حدة ، حيث تكسب تلك الدوافع المصمم شخصيته المتفردة تبعا لظروف نشأته ، الدوافع الفردية تتشعب إلي دوافع مرتبطة بالقيم الثقافية وأخرى نفسية ، وهي تعبير صادق عن ثقافة المتصلين بمجال التصميم ، ويتناول هذا المبحث الدوافع التي تنقسم إلي :

• القيم الثقافية الذاتية للمصمم :
- الأدائية والبرجماتية
- الانفعالية والعقلانية
- الرمزية والمادية
- التقلب والتغير السريع
- العلمانية
- التشخص

• الدوافع النفسية الداخلية للمصمم :
- المال والتطلع لأسلوب حياة أفضل
- الوضع الاجتماعي
- الشهرة والمجد
- الرغبة في الخلود أو البقاء
- مساعدة المجتمع
- الإسهام في الثقافة
- الرغبة في الابتكار والإبداع

• النواحي الإبداعية في فكر المصمم :
- مراحل الإبداع ومستوياته
- الخصائص العقلية للمبدع
- الإلهام بين التلقائية والإرادة
- القوانين الموضوعية لعمل المصمم
- الإبداع بين القيود والانطلاق إلي الفضاء اللامحدود
- القدرات االإبداعية للمصمم بين التجاهل والرفض
- الشعور بالرضا عن الذات والقناعات الداخلية
- الطموح واليقين في المستقبل

المحــــــــور الثالث
التوجهات الحضارية
تمثل الرافد الثالث لثقافة المصمم ، والتوجهات الحضارية تعني التحولات في السياسة الدولية بما يستتبعها من تغيير في المفاهيم والمصطلحات ، وتشابك في العلاقات البينية ، وما لها من آثار على المدى الطويل ، والمصمم كونه ترجمة لواقع مجتمعه ، فإن خلفيته الثقافية تتأثر بذلك الرافد ، خاصة ما نحياه حاليا من تداعيات للعولمة والنظام العالمي الجديد .
• التوجهات التصميمية المعاصرة في مصر
• القيم المعاصرة وتداعيات العولمة
• القطبية الجديدة
• نزاع الإبداع بين طرفي القطبية
• النظام القيمي العالمي الجديد ومبادئه :
- مبدأ النسبية الثقافية Cultural relativism
- مبدأ المطلق الإنساني Human universalize
- مبدأ التوافق Reconciliation
- مبدأ التكافلية Mutual solidarity
- عالمية حقوق الإنسان Universalization of human rights


المصادر والمراجع

أولا : الكتب الأجنبية :
Great buildings – Tiger Booles International – London – 1995 Bagenal P. & Others
Architecture of a jumping universe – Academy Editions – London – 1997. Jencks C
ARCHITECTURE: FORM, SPACE & ORDER – Van Nostrand Reinhold Inc. – NewYork – 1996 Ching , Francis
A Candid Guide to the Profession – MIT Press – NewYork – 1991. Roger R. Lewis
ثانيا : الكتب العربية :

مصطفى عبد الغني الجات والتبعية الثقافية – الهيئة العامة المصرية للكتاب – القاهرة – 1999.
جابر عصفور (دكتور) محنة التنوير – الهيئة العامة المصرية للكتاب – القاهرة –1993 .
يوسف ميخائيل أسعد الثقافة ومستقبل الشباب – الهيئة العامة المصرية للكتاب – القاهرة – 1984.
برهان غليون (دكتور) اغتيال العقل- دار التنوير- بيروت- 1987.
حسن فتحي (مهندس) عمارة الفقراء – كتاب اليوم – عدد 2 – مؤسسة أخبار اليوم – القاهرة – ابريل1991.
عماد الدين خليل (دكتور) تهافت العلمانية – مؤسسة الرسالة – بيروت – 1987.
سليمان الخطيب (دكتور) التغريب والمأزق الحضاري – المركز الإسلامي للدراسات والبحوث – أبها – السعودية – 1995.

ثالثا : الدوريات العربية والأبحاث :
إبراهيم حلمي عبد الرحمن عالم الغد – عالم واحد أم عوالم متعددة – كتاب الأهرام الاقتصادي – العدد 44 – مؤسسة الأهرام – القاهرة – 1991م .
رفعة الجادرجي إشكالية العمارة والتنظير البنيوي – دورية عالم الفكر – مجلد 27 – عدد 2 – المجلس الوطني للثقافة والعلوم والآداب – الكويت – ديسمبر 1998.
على بسيوني(دكتور) الجذور الثقافية والعمارة في البلاد النامية – مجلة الهندسة المعمارية – الكتاب السنوي العاشر – هندسة القاهرة - 1992.
نبيل صادق (دكتور) محاضرات في سيكولوجية الإبداع – مرحلة تمهيدي الدكتوراه – كلية الفنون التطبيقية - ‏2003‏ .
رابعا : مواقع الشبكة العالمية للمعلومات :
www.greatbuilding.com

www.hydra.gsa.gov/pbs/firstimpressions

www.skyscraper.org